"بعدالتك واجهت التكبر والطغيان"... هي يافطة من بين عشرات رفعها أهالي بلدة الكفور الجنوبية كتحيّة وفاء وتقدير للمدعي العام البيئي في النبطية القاضي نديم الناشف، لشكره على دوره بختم مكب النفايات الجاثم على صدر البلدة والأهالي منذ 8 سنوات، والذي يديره ويستخدمه اتحاد بلديات الشقيف الذي صار يهرّب إليه بين النفايات المنزلية والعضوية نفايات طبية من مستشفيات النبطية والجنوب.
وقد لاقى قرار ختم المكبّ بالشمع الأحمر تأييداً من الأهالي، الذين اعتصموا أمام قصر العدل في النبطية، مناشدين القاضي الناشف الإبقاء على إقفال المكبّ، خصوصًا بعدما تناهت معلومات إلى مسامعهم عن مساعٍ تقودها قيادتا "حركة أمل" و"حزب الله" لفتح المكبّ حتى أواخر الشهر الحالي بغية تصريف النفايات المكدّسة في شوارع مدينة النبطية وساحاتها والتي تحوّلت مرتعا للكلاب الشاردة والقطط والحشرات والذباب الاسود والاحمر.
وفي هذا السياق، أوضح مصدر بيئي في النبطية لـ"النشرة" أنّ الأزمة تتّجه لمزيد من التفاقم في حال عدم إيجاد بدائل لمكبّ الكفور المقفَل بقرار قضائي، جازماً أنّ أيّ اتفاق لن يحصل هذه المرة بدون علم وموافقة أهالي الكفور، علمًا أنّ المحامي كامل صفا هو من يمثل حراك شباب الكفور، وحتمًا لن يكون اي حل على حساب القرية التي يكفيها ما عانته من المكب والمعمل.
ولفت المصدر إلى أنّ الحلّ يمكن أن يكون بالاعتماد على مكبّات أخرى في القرى المحيطة ويجري الحديث عنها، إما في حرش زفتا او كفرتبنيت او انصار او مزرعة الحمرا بين الزوطرين الغربية والشرقية او شوكين-ميفدون او حاروف-جبشيت خصوصا أنّ هناك تقريراً بيئيًا صدر عن الخبير البيئي الدكتور ناجي قديح يؤكد ان مكب الكفور لم يعد قادرا على ادخال المزيد من النفايات اليه لانه بات قابلا للانفجار من الداخل.
من جهته، أكد الناطق باسم حراك شباب الكفور المحامي كامل صفا، في حديث لـ"النشرة"، أنّ اللعب بات اليوم على المكشوف، وقال: "نحن نخوضها معركة لحماية أهلنا، وقد أقفلنا قبل أيام المكبّ بالقوة وبالجنازير، وقام اتحاد بلديات بإعادة فتحه من جديد، وعندما رفعنا السواتر الترابية حاول الاتحاد إزاحتها، لكن المدعي العام البيئي القاضي نديم الناشف وقف الى جانبنا وقام باقفال المكب وختمه بالشمع الاحمر".
وإذ أعلن صفا ثقة أهالي الكفور الكاملة بالقاضي الناشف، تحدّث عن محاولاتٍ تقوم بها القوى الحزبية في المنطقة لإقناعه بفضّ الأختام، ونبّه إلى أنّ الأهالي سيعودون لإقفال المكبّ بالقوة في حال اتخاذ قرار من هذا النوع، وقال: "لن نقبل أن تفاوض أي قوة حزبية عن أبناء الكفور، فنحن نفاوض عن أنفسنا، ونحن قادرون على الدفاع عن كرامة بلدتنا".
واستهجن نائب رئيس بلدية الكفور طوني سمعان، بدوره، ما وصفها بمحاولات القوى السياسية الموجودة في المنطقة تهجير سكان الكفور، وهو ما عجزت عنه إسرائيل نفسها، لافتاً إلى أنّ اعتصام الأهالي على مدخل قصر العدل كان الهدف منه توجيه رسالة لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون والأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله ورئيس المجلس النيابي نبيه بري مفادها أنّ "الكفور لن تكون مزبلة بعد اليوم". وإذ شكر المدعي العام البيئي على إقفال المكب، تمنى عليه عدم الخضوع للضغوط السياسية بإعادة فتحه، وقال: "كفانا ما تحمّلناه من أمراض وأوبئة".
وخلال مواكبة "النشرة" لاعتصام الكفور، التقت بعددٍ من الأهالي الذين أكدوا رفض إعادة فتح المكبّ بأيّ شكل من الأشكال، ومن هؤلاء علي قعون الذي ناشد عبر "النشرة" كلاً من الرئيس عون والسيد نصرالله وبري أن يضعوا أيديهم على هذا الملف "الذي يقتلنا تحت مسميات حزبية وسياسية"، متحدّثاً عن "صفقاتٍ" تبرم تحت الطاولة، وأيّدته في ذلك سعاد جمول التي قالت أنّ "أطفالنا في المستشفيات جراء الجراثيم"، فيما لفت حسن صفا إلى أنّه واحدٌ ممّن عانوا نتيجة انتشار الأوبئة، حيث أجرى عملية ليده نتيجة "عقصة".
حزم أهالي الكفور أمرهم إذاً... المكب أقفل بالشمع الأحمر، وسيبقى كذلك، أياً كانت الضغوطات. فهل ينتهي فعلاً "كابوس" النفايات في بلدته؟ وهل من بدائل سيتمّ إيجادها، خصوصًا بعد تفاقم أزمة النفايات في النبطية؟